15‏/08‏/2013

رحلة الى السماء


تمر الايام سريعا ، والزمن تتسارع لحظاته متعجلة يطوي بعضها البعض فيداهمك شعور بالدوار ، لا شيئ هناك إلا غثاء من أحاديث سمجة وأحداث متكررة أو أحداث ملتهبة خلف البوابات المشرعة للموت في كل لحظة ..
الجلاد يستمتع بصراخ الضحية ، والضحية تحب كونها ضحية وتتلذذ بشعورها بالضيم والظلم ومصارعتها لأستنشاق نسمة هواء رغم قدم الجلاد الجاثمة على صدرها ، كثيرمن المصطلحات وجدت طريقها الى النور وسط هذه المفردات والاحرف المتزاحمة والمتداخلة.
والناس تشرذموا فرقاً وشيعاً وجماعات وكل فريق ينكفأ على نفسه ، ويسبغون على انفسهم سبغة الدين او الحرية وغيرها من التصنيفات و الالقاب ويدّعون انهم دون غيرهم هم من يحملون اللواء والراية.
المتلونون والمتلونات كُثُر ، هؤلاء والموت الشيئان الوحيدان الذي يمكنك أن تصادفه وتجده في أي شطر ستولي وجهك اليه.
العزلة والاعتكاف والتأمل وجلوسك مع النفس سيبحر بك بعيداً عن كل هذا ، سيمنحك فرصة الألتقاء بذاتك و معانقة أفكارك ومايجيش بداخلك ، تتصفحه بهدوء و رويه .
الاعتكاف يمنح الانسان شعوراً بالعزلة في زمن اصبح من الصعب أن تحظى بشيء منها وسط هذا الصخب والحراك متسارع الخطى، يمنحك النظر الى داخلك والى ما يحيط بك بعين العقل والقلب معاً ،بذهنٍ صاف لم يعكره أفكار مشوشة وآراء متحجرة وكلمات مسمومة .
فالنستعد معاً ولنحزم الامتعة لرحلة وجهتها السماء واللامحدود ، فالنفتح الابواب لعقولنا لتلج الى حدائق الصفاء والطهر لتتصل بالعالم الآخر ، لتنطلق من ضيق الزوايا والأمكنة  ونفلت العنان لأرواحنا تعانق الألق والنور الأوحد الذي جاءت منه وتقتبس من انواره وقدسيته ، لنحررها من عتمة الجدران والأسوار وتتخلص من دنيويتها لتتصل بعالم السماء المنبع الاول والمكان الذي ستؤول إليه .
إجعلها تغوص في ذهولها الشهي لتغترف من أسرار الحقيقة ما يروي تعطشها ويشبع تساؤلاتها ويمحي حيرتها ، لا تخف إن طال بها الذهول والشخوص فستعود إلى رحم الأرض والجوف الصغير الذي يؤيها خفيفة بعد ان تحللت من الأدران والأسمال البالية ، ستعود حاملة معها مشعلاً من صدق وحق يضيئ جنبات صدرك المظلم.
غالباً ستكون هذه العودة من خلال سجدة طويلة لتلتصق ناصيتك بالتراب وتذكرك بواقعك الذي تعيشة ومحطة العبور الذي ستصلك بذلك العالم الجميل الذي كنت فيه للتو ، ستكون عودة مختلفة .
إن لم تملك الوقت لخوض تجربة إعتكاف طويلة ، استرق من الزمن ساعة لترحل الى السماء وتشعر بتلك اللذه .. لا تفوت عليك الأمر .
         

ليست هناك تعليقات: